كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ونتيجة التكذيب {فَأَخَذَتْهم الرجفة فَأَصْبَحوا في دَارهمْ جَاثمينَ} [العنكبوت: 37] وهذا عقاب الله؛ لأنه كان سبحانه يتولى المكذب. وفي الحجر وفي هود قال: {الصيحة} وحتى لا تتهم الآيات بالتضارب نقول: الصيحة: صوت شديد مزعج، وهذا الصوت لا نسمعه إلا بتذبذب الهواء بشدة، ولو كان تذبذب الهواء بلطف ما سميت صيحة.
إذن: الصيحة تخلخل في الهواء بشدة؛ لابد أنْ ينتج عنه رجفة أي: هزة شديدة كالتي تهدم بالبيوت والعمارات نتيجة قنبلة مثلًا، فالصيحة وجدت أولًا، تبعتها الرجفة، لكن القرآن مرة يذكر الأصل فيقول: {الصيحة} ومرة يذكر النتيجة فيقول: {الرجفة}.
{فَأَصْبَحوا في دَارهمْ جَاثمينَ} [العنكبوت: 37] قال: {فَأصْبَحوا} ولم يقلْ مثلًا: فصاروا ليحدد وَقْت أخذهم بالصباح، والعادة أن تكون الإغارة وقت الصباح قبل أن يستعد خَصْمك لملاقاتك، فما يزال في أعقاب النوم خاملًا، وإلى الآن يفضل رجال الحرب والقادة أن تبدأ الحرب في الصباح، حيث يفَاجأ بها العدو.
وقد أصبح هذا الوقت قضية عامة، تعَد مخالفتها من قبيل المكْر والخدعة في الحرب، كما خالفها قادتنا في حرب أكتوبر 73، حيث فاجأوا عدوهم في وقت الظهيرة، وقد تمت لهم المفاجأة، وأخذوا عدوهم على غرة؛ لأنهم غيروا الوقت المعتاد، وهو الصبح.
إذن: على الإنسان ألا يتخذ في أموره قضية رتيبة، بل يخضع أموره لما يناسبها.
ومن الطرائف: حرص الرجل على أنْ يوقظ ولده مبكرًا ليذهب إلى عمله، ويقضي مصالحه، فقال له الوالد: ابن فلان استيقظ مبكرًا، فوجد محفظة بها مائة جنيه، فقال الولد- وكان كسولًا لا يريد أن يستقيظ مبكرًا: هذه المحفظة وقعتْ من واحد استيقظ قبله.
ومعنى {جَاثمينَ} [العنكبوت: 37] يعني: هامدين بلا حراك.
ثم تنتقل بنا الآيات إلى لقطات أخرى موجزة من مواكب الرسالات، وكأنها برقيات: {وَعَادًا وَثَمودَا وَقَد تبَينَ}.
نلحظ في هذه البرقيات السريعة أنها تذكر المقدمة، ثم النهاية مباشرة {وَعَادًا وَثَمودَا} [العنكبوت: 38] هذه المقدمة {وَقَد تبَينَ لَكم من مسَاكنهمْ} [العنكبوت: 38] هذا موجز لما نزل بهم، وكأن الحق سبحانه يقول لنا: لن أحكي لكم ما حاق بهم؛ لأنكم تشاهدون ديارهم، وتمرون عليها ليل نهار {وَإنكمْ لتَمرونَ عَلَيْهمْ مصْبحينَ وباليل أَفَلاَ تَعْقلونَ} [الصافات: 137-138].
والآن مع الثورة العلمية استطاعوا تصوير ما في باطن الأرض، وظهرت كثير من الآثار لهذه القرى عاد وثمود والأحقاف، واقرأ قوله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبكَ بعَادٍ إرَمَ ذَات العماد} [الفجر: 6-7].
وطبيعي الآن أن نجد آثار السابقين تحت التراب، ولابد أن نحفر لنصل إليها؛ لأن عوامل التعرية طمرتها بمرور الزمن، ولمَ لا والواحد منا لو غاب عن بيته شهرًا يعود فيجد التراب يغطي أسطح الأشياء، مع أنه أغلق الأبواب والنوافذ، ولك أن تحسب نسبة التراب هذه على مدى آلاف السنين في أماكن مكشوفة.
وحكَوْا أن الزوابع والعواصف الرملية في رمال الأحقاف مثلًا كانت تغطي قافلة بأكملها، إذن: كيف ننتظر أن تكون آثار هذه القرى باقية على سطح الأرض؟ والآن نشاهد في الطرق الصحراوية مثلًا إذا هبتْ عاصفة واحدة فإنها تغطي الطرق بحيث تعوق حركة المرور إلى أنْ تزَاح عنها هذه الطبقة من الرمال.
إذن: علينا أن نقول: نعم يا رب رأينا مساكنهم ومررنا بها- ولو من خلال الصور الحديثة التي التقطت لهذه القرى {وَزَينَ لَهم الشيطان أَعْمَالَهمْ} [العنكبوت: 38] يعني: أغواهم بالكفر، وأقنعهم أنه الأسلوب السليم والأمثل في حركة الحياة {فَصَدهمْ عَن السبيل} [العنكبوت: 38] فما دام قد زين لهم سبيل الشيطان فلابد أنْ يصدهم عن سبيل الإيمان {وَكَانوا مسْتَبْصرينَ} [العنكبوت: 38] يعني: لم نأخذهم على غرة.
لأن المبدأ الذي اختاره الله تعالى لخلقه {وَمَا كنا معَذبينَ حتى نَبْعَثَ رَسولًا} [الإسراء: 15] رسولًا يبين لهم وينذرهم، ويحذرهم عاقبة الكفر؛ لذلك لم يأخذهم الله تعالى إلا بعد أنْ أرسل إليهم رسولًا فكذبوه.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَقَارونَ وَفرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهمْ}.
مازالت الآيات تحدثنا عن مواكب الرسالات، لكنها تتكلم عن المكذبين عادًا وثمود، وهنا {وَقَارونَ وَفرْعَوْنَ وَهَامَانَ} [العنكبوت: 39] والدليل على قوله سبحانه في الآية السابقة {وَكَانوا مسْتَبْصرينَ} [العنكبوت: 38] قوله تعالى هنا {وَلَقَدْ جَاءَهمْ موسى بالبينات} [العنكبوت: 39] أي: بالأمور الواضحة التي لا تدع مجالًا للشك في صدْق الحق سبحانه، وفي صدْق الرسول في البلاغ عن الله.
{فاستكبروا في الأرض} [العنكبوت: 39] استكبر: يعني افتعل الكبْر، فلم يقلْ تكبر، إنما استكبر كأنه في ذاته ما كان ينبغي له أنْ يستكبر؛ لأن الذي يتكبر يتكبر بشيء ذاتي فيه، إنما بشيء موهوب؟ لأنه قد يسلب منه، فكيف يتكبر به؟
لذلك نقول للمتكبر أنه غفلت عينه عن مَرأْى ربه في آثار خَلْقه، فلو كان ربه في باله لاستحى أنْ يتكبر.
فالإنسان لو أنه يلحظ كبرياء ربه لَصَغر في نفسه، ولاستحى أن يتكبر، كما أن المتكبر بقوته وعافيته غبي؛ لأنه لم ينظر في حال الضعيف الذي يتعالى عليه، فلربما يفوقه في شيء آخر، أو عنده عبقرية في أمر أهم من الفتوة والقوة، ثم ألم ينظر هذا الفتوة أنها مسألة عرضية، انتقلتْ إليه من غيره، وسوف تنتقل منه إلى غيره.
إذن: فقارون وفرعون وهامان لما جاءهم موسى بآيات الله الواضحات استكبروا في الأرض، وأنفوا أن يتبعوا لا بطبيعتهم وطبيعة وجود ذلك فيهم، إنما افتعالًا لغير حق {وَمَا كَانوا سَابقينَ} [العنكبوت: 39] فنفى عنهم أن يكونوا سابقين، كما قال سبحانه: {وَمَا نَحْن بمَسْبوقينَ} [الواقعة: 60].
والسبق لا يمدح ولا يذم في ذاته، لكن بنتيجته: إلى أي شيء سبق؟ كما نسمع الآن يقولون: فلان رجعي، والرجعية لا تذَم في ذاتها، وربما كان الإنسان مسْرفًا على نفسه، ثم رجع إلى منهج ربه، فنعمْ هذه الرجعية، فالسبق لا يذَم لذاته، واقرأ إنْ شئت قوله تعالى: {وسارعوا إلى مَغْفرَةٍ من ربكمْ} [آل عمران: 133] أي: سابقوا.
والمعنى هنا {وَمَا كَانوا سَابقينَ} [العنكبوت: 39] أن هناك مضمارَ سباق، فمن سبق قالوا: أحرز قَصَب السبق، فإنْ كان مضمار السباق هذا في الآخرة أيسبقنا أحد ليفلتَ من أخْذنا له؟ إنهم لن يسبقونا، ولن يفلتوا من قبضتنا، ولن يعجزوا قدرتنا على إدراكهم.
ويقول الحق سبحانه: {فَكلًا أَخَذْنَا بذَنبه فَمنْهم من أَرْسَلْنَا} الكلام هنا عن المكذبين والكافرين الذين سبق ذكرهم: قوم عاد، وثمود، ومدين، وقوم لوط، وقارون، وفرعون، وهامان، فكان من المناسب أنْ يذكر الحق سبحانه تعليقًا يشمل كل هؤلاء لأنهم طائفة واحدة. فقال: {فَكلًا} [العنكبوت: 40] أي: كل مَنْ سبق ذكرهم من المكذبين فالتنوين في {فَكلًا} [العنكبوت: 40] عوض عن كل من تقدم ذكرهم، كالتنوين في: {وَأَنتمْ حينَئذٍ تَنظرونَ} [الواقعة: 84] فهو عوَض عن جملة {فَلَوْلاَ إذَا بَلَغَت الحلقوم} [الواقعة: 83].
وقوله سبحانه: {أَخَذْنَا بذَنبه} [العنكبوت: 40] والأخذ يناسب قوة الأخذ وقدرته؛ لذلك يقول سبحانه عن أخْذه للمكذبين {أَخْذَ عزيزٍ مقْتَدرٍ} [القمر: 42] فالعزيز: الذي يغلب ولا يغلب، والمقتدر أي: القادر على الأَخْذ، بحيث لا يمتنع منه أحد؛ فهو عزيز.
والأخذ هنا بسبب الذنوب {بذَنبه} [العنكبوت: 40] ليس ظلمًا ولا جبروتًا ولا جزافًا، إنما جزاءً بذنوبهم وعدلًا؛ ولذلك يأتي في تذييل الآية:
{وَمَا كَانَ الله ليَظْلمَهمْ ولكن كانوا أَنفسَهمْ يَظْلمونَ} [العنكبوت: 40].
ثم يفصل الحق سبحانه وتعالى وسائل أَخْذه لهؤلاء المكذبين: {فَمنْهم من أَرْسَلْنَا عَلَيْه حَاصبًا} [العنكبوت: 40] الحاصب: هو الحصَى الصغار ترمي لا لتجرح، ولكن يحْمي عليها لتكون وتلسع حين يرميهم بها الريح، ولم يقلْ هنا: أرسلنا عليهم نارًا مثلًا؛ لأن النار ربما إنْ أحرقته يموت وينقطع ألمه، لكن رَمْيهم بالحجارة المحمية تلسعهم وتديم آلامهم، كما نسمعهم يقولون: سأحرقه لكن على نار باردة؛ ذلك ليطيل أمد إيلامه.
ثم يقول سبحانه: {وَمنْهمْ منْ أَخَذَتْه الصيحة} [العنكبوت: 40] وهو الصوت الشديد الذي تتزلزل منه الأرض، وهم ثمود {وَمنْهمْ منْ خَسَفْنَا به الأرض} [العنكبوت: 40] أي: قارون {وَمنْهمْ منْ أَغْرَقْنَا} [العنكبوت: 40] وهم قوم نوح، وفرعون.
هذه وسائل أربعة لإهلاك المكذبين، النار في الحصباء، والهواء في الصيحة، والتراب في الخسف، ثم الماء في الإغراق، ورحم الله الفخر الرازي حين قال في هذه الآية أنها جمعت العناصر التي بها وجود الإنسان والعناصر الأساسية أربعة: الماء والنار والتراب والهواء. وكانوا يقولون عنها في الماضي العناصر الأربعة، لكن العلم فرق بعد ذلك بين العنصر والمادة.
فالمادة تتحلل إلى عناصر، أما العناصر فلا يتحلل لأقل منه، فهو عبارة عن ذرات متكررة لا يأتي منها شيء آخر، فالهواء مادة يمكن أنْ نحلله إلى أكسجين و. إلخ وكذلك الماء مادة تتكون من عدة عناصر وذرات إلى أن جاء مندليف ووضع جدولًا للعناصر، وجعل لكل منهما رقمًا أسماها الأرقام الذرية، فهذا العنصر مثلًا رقم واحد يعني: يتكون من ذرة واحدة، وهذا رقم اثنين يعني يتكون من ذرتين. إلخ إلى أنْ وصل إلى رقم 93، لكن وجد في وسط هذه الأرقام أرقامًا ناقصة اكتشفها العلماء فيما بعد.
فمثلًا، جاءت مدام كوري، واكتشفت عنصر الراديوم، فوجدوا فعلًا أن رقمه من الأرقام الناقصة في جدول مندليف، فوضعوه في موضعه، وهذا يدل على أن الكون مخلوق بعناصر مرتبة وصلت مع التقدم العلمي الآن إلى 105 عناصر.
ولما حلل العلماء عناصر التربة المخصبة التي نأكل منها المزروعات وجدوها 16 عنصرًا، تبدأ بالأكجسين كأعلى نسبة، وتنتهي بالمنجنيز كأقل نسبة، لأنها لم تصل إلى الواحد من الألف. فلما حللوا عناصر جسم الإنسان وجدوا نفس هذه العناصر الستة عشرة.
وكأن الحق- سبحانه وتعالى- أقام حتى الكفار ليثبتوا الدليل على صدْقه تعالى في خَلْق الإنسان من طين، لنعلم أن الحق سبحانه حينما يريد أنْ يظهر سرا من أسرار كونه يأتي ربه ولو على أيدي الكفار.
وأول مَنْ قال بالعناصر الأربعة التي يتكون منها الكون فيلسوف اليونان أرسطو الذي توفي سنة 384 قبل الميلاد، وعلى أساس هذه العناصر الأربع كانوا يحسبون النجم، فمثلًا عن الزواج يحسبون نجم الزوج والزوجة حسب هذه العناصر، فوجدوا نجم الزوج هواءً، ونجم الزوجة نارًا، فقالوا هيجعلوها حريقة، وفي مرة أخرى وجدوا الزوجة مائية والزوج ترابيًا فقالوا هيعملوها معجنة.
ومعلوم أن الحق سبحانه لطلاقة قدرته وتعالى يجعل عناصر البقاء هي نفسها عناصر الفناء، وهو سبحانه القادر على أنْ ينجي ويهلك بالشيء الواحد، كما أهلك فرعون بالماء، وأنجى موسى- عليه السلام- بالماء.
كذلك حين نتأمل هذه العناصر الأربعة نجدها عناصر تكوين الإنسان، حيث خلقه الله من ماء وتراب فكان طينًا، ثم جف بالحرارة حتى صار صلصالًا كالفخار، ثم هو بعد ذلك يتنفس الهواء، فبنفس هذه العناصر التي كان منها الخَلْق يكون بها الهلاك.
والحق- سبحانه وتعالى- يريد من خَلْقه أنْ يقبلوا على الكون في كل مظاهره وآياته بيقظة ليستنبطوا ما فيه من مواطن العبر والأسرار؛ لذلك نجد أن كل الاكتشافات جاءت، نتيجة دقة الملاحظة لظواهر الكون.
ويلفتنا ربنا إلى أهمية العلم التجريبي، فيقول: {وَكَأَين من آيَةٍ في السماوات والأرض يَمرونَ عَلَيْهَا وَهمْ عَنْهَا معْرضونَ} [يوسف: 105] فينبغي إذن أن نتأمل فيما نرى وما توصل الإنسان إلى عصر البخار وإلى قانون الطفْو عند أرشميدس، وما توصل إلى الكهرباء والجاذبية والبنسلين إلا بالتأمل الدقيق لظواهر الأشياء، لذلك فالملاحظة هي أساس كل علم تجريبي أولًا، ثم التجريب ثانيًا، ثم إعادة التجريب لتخرج النتيجة العلمية.
والهواء سبب أساسي في حياة الإنسان، وبه يحدث التوازن في الكون، لكن إنْ أراد الحق سبحانه جعله زوبعة أو إعصارًا مدمرًا. وسبق أن قلنا: إنك تصبر على الطعام شهرًا، وعلى الماء عشرة أيام، لكن لا تصبر على الهواء إلا بمقدار شهيق وزفير، فالهواء إذن أهم سبب من أسباب بقاء الحياة؛ لذلك نسمعهم يقولون في شدة الكيد: والله لأكتم أنفاسه لأنها السبيل المباشر إلى الموت؛ لذلك فالهواء عامل أساسي في وسائل الإهلاك المذكورة.
وبالهواء تحفظ الأشياء توازنها، فالجبال العالية والعمارات الشاهقة ما قامت بقوة المسلحات والخرسانات، إنما بتوازن الهواء، بدليل أنك لو فرغْتَ جانبًا منها من الهواء لانهارتْ في هذا الجانب فورًا.
وبهذه النظرية يحدث الدمار بالقنابل؛ لأنها تعتمد على نظرية تفريع الهواء وما يسمونه مفاعل القبض ومفاعل البسط، فما قامتْ الأشياء من حولك إلا لأن الهواء يحيط بها من كل جهاتها.
وقلنا: إن القرآن الكريم حينما يحدثنا عن الهواء يحدثنا عنه بدقة الخالق الخبير، فكل ريح مفردة جاءت للتدمير والإهلاك، وكل ريح بصيغة الجمع للنماء والخير والإعمار، واقرأ إن شئت قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرياح لَوَاقحَ} [الحجر: 22].
وقوله سبحانه: {وَأَمَا عَاد فَأهْلكوا بريحٍ صَرْصَرٍ عَاتيَةٍ} [الحاقة: 6] لأنها ريح واحدة تهب من جهة واحدة فتدمر.
ثم تختم الآية بهذه الحقيقة: {وَمَا كَانَ الله ليَظْلمَهمْ ولكن كانوا أَنفسَهمْ يَظْلمونَ} [العنكبوت: 40] لأن الخالق عز وجل كرم الإنسان {وَلَقَدْ كَرمْنَا بَني ءَادَمَ} [الإسراء: 70] كرمه من بين جميع المخلوقات بالعقل والاختيار، فإذا نظرتَ في الكون واستقرأتَ أجناس الوجود لوجدتَ الإنسان سيد هذا الكون كله.